د. علي الأزهري يكتب: عذرًا لك أنت أيها الطبيب، فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا؟!.

الاحد 02 ديسمبر 2018 | 05:35 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

يبدو أن المصري الْيَوْم هذه الأيام تقود حملة منتهجة لتشويه الأزهر، ولقد كتب غير واحد طعنًا في فضيلة الإمام.

 

شن د. صلاح الغزالي حرب مقالًا بعنوان: عفوًا فضيلة الإمام الطيب، والمقال كله يقوم على سياسة التهجم غير المبررة على شخص فضيلة الإمام بعد كلمته في ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي، والمقال الذي كتبه د. حرب ملخصه هذه العناصر:

1ـ يرى أن القرآنيين فئة صغيرة ولا خطر منها حتى يجعل الإمام كلمته عنهم في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

2ـ يرى أيضًا خطورة مناهج الأزهر وأنها تخرج الكثير مما يفهمون الدين بشكل خاطئ ومتطرف، ولا حاجة لكل هذه الأعداد أصلًا.

3ـ كان من الواجب على الإمام أن يعلن عن خطة عملية لتنقية التراث والمناهج الأزهرية.

4ـ يلفت النظر إلى الخطر الذي يمثله السلفيون ولا سيما أنهم أصحاب حزب سياسي متعرف به قانونًا، ومالهم من انتشار واسع في الواقع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأن خطرهم أكبر من خطر الإخوان أنفسهم.

 

هذه العناصر خلاصة مقال الدكتور حرب.

وللرد على العناصر بترتيبها وفقًا لما ذكره  د. حرب ـ فإننا نستعين بالله تعالى في جوابنا بما يلي:

1ـ مسألة أن القرآنيين وإن كانوا فئة صغيرة لا خطر منهم؛ حتى يجعل فضيلة الإمام الكلام عنهم في الاحتفال بالمولد النبوي، فإن هذا الكلام مردود عليه، فإن الفئة إن كانت قليلة لكنهم غرروا بالشباب وبدأوا يدشنون صفحات تحمل أفكارهم ويروجون لها، وأصبحوا يبثون أفكارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليل نهار، وقد سخرت القنوات الإعلامية لهم عدة برامج للطعن في دين الله، ليس هذا فحسب بل تجرأوا على صاحب السنة النبوية.

إننا نتذكر أقوال بعض هذا الفريق الذي ينادي بمحو السنة، ويشجع على ذلك عن طريق بعض الشاشات التي سخرت نفسها للطعن في السنة ليل نهار؛ فنجد أن أشقاهم خرج وقال: من يريد تطبيق السنة؛ فليذهب لجبالية القرود؟!.

ويقول غيره: نؤجل الطعن في القرآن حاليًا، ويقول آخر: لو لم يكن لنا إلا السنة طريقًا لله؛ لكفرنا بالله؟!. ما رأيناك د. حرب تمعر وجهك وانفعلت على نحو هذه الأبواق مخرسًا إياها من خلال مقالة لك!.

 أرأيت د. حرب أن الحاجة ماسة للدفاع عن السنة النبوية؟!. السنة التي تحرم الاعتداء على الآخر فقي صحيح البخاري أن صاحب السنة صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا. رواه البخاري، فما بالك بشركاء الوطن؟!.

وحرمت السنة الاعتداء على الحيوان البهيم الضعيف عمدًا بدون سبب، فقال صاحب السنة صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها.. الحديث رواه النسائي والحاكم وصححه. فما بالنا بالإنسان حتى ولو كان ملحدًا؟! حسابه على الله والسنة تقرر هذا المبدأ وتدعو لأمنه وضرورة أن يعيش حياة بعيدة عن التوتر والضغط والاضطهاد والله تعالى قال: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة: الآية 256. رأيت د. حرب حاجة الأمة للسنة النبوية؟!.

يبدو أنك تُلمح أنه كان لا بد على فضيلة الإمام أن يُحذر من خطر الفرق التكفيرية، فكان عليك أن تبحث أيضًا عن كلمة فضيلة الإمام في السنة الماضية وهو يتحدث مبينًا خطر الغلو والتطرف والفرق التكفيرية في نفس المكان وتوقيت الذكرى النبوية أيضًا، وأُهديك بعضًا من كلمة فضيلة الإمام الأكبر: (... وكما يكون الانحراف عن منهج الأنبياء بإنكار الدِّين ومحاربته، والدَّعوةِ إلى الإلحادِ والكُفْر بالله وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه واليَوْم الآخِر، يكون الانحراف أيضًا – بصورة أشدَّ خطرًا وفَتْكًا وتخريبًا- بانحراف جَماعة شاذَّة، شاء لها خيالهم المريض أن يتصوَّروا أنفسهم أوصياء على النَّاس، وأنَّهم وُكلاء الله في الأرض، وهم وحدهم القائمون على فَهْم الدِّين وتفسير أحكامه. هذه الجماعة أو الجماعات الإرهابية -على اختلاف مشاربها وتسمياتها- تنطلق من اعتقادٍ خاطئ يبرأ منه الله ورسوله والمؤمنون، هذا الاعتقاد هو: أن من لا يعتقد معتقدهم من المسلمين فهـو كافر، وأن الكافر مستباح الدم والمال والعِرض.. وأمثالُ هذه الفِئة الضَّالة ليست بدعًا في تاريخ المسلمين، بل وجدت في سائر الأديان والعقـائد والمذاهـب، وما يُرَوَّج الآن من أنَّ الإرهاب صِناعة إسلاميَّة خالصة، وأنه يُمارس قتل غير المسلمين حديث خرافة، يكذبه الواقع الذي يزيف هذه الأراجيف، ويفضح نوايا مروجيها، فكُتُب التاريخ وكُتُب السياسة، ملأى بالحديث عن الإرهاب المنسوب إلى الأديان، وإلى المذاهب السياسية والاجتماعية).

فما قولك أيها الطبيب؟!

دائمًا تُخولون لأنفسكم الطعن والتهكم على الأزهر، وعندما ينبري من يرد عليكم؛ تغضبون، وكأنكم منزهون عن النقد!!!.

2ـ مناهج الأزهر لم تخرج الفرق التكفيرية كما زعمت، والأزهر تخرج منه ملايين الطلاب على مدار عمره، فهل تستطيع أن تُحصي ليّ قرابة مائة خريج من خريجي الأزهر وبخاصة الكليات الشرعية قد اتبعوا الفرق التكفيرية؟!

وبزعمك أن مناهج الأزهر هي بنفسها مناهج هذه الفرق الإرهابية! وهذا عجب فإن الفريق التكفيري لا يُقر عقيدة الأشاعرة؛ إذ يعتبرهم خارج دائرة الإسلام.

وبالنسبة للمناهج الأزهرية، فهو الكلام نفسه الذي يُردد ليل نهار من أرباب الفكر العلماني، زعم زاعم من أرباب الفكر العلماني أن مناهج الأزهر متطابقة لمناهج تنظيم داعش، وقال نصًا "هي نفس المناهج اللي في الأزهر بيدرسها تنظيم داعش"، ومن المعلوم أن هذا التنظيم وغيره يُنكر مناهج الأزهر جملة وتفصيلًا، ويرى تكفير الأشاعرة ومعتقدهم، وأيضًا منهم من يرى عدم تكفيرهم لكنه يرميهم بالضلال، وتارة بالإرجاء وهكذا، فما دليلك يا شيخ حتى لا تدعي زورًا تحاول أن تبرر تنصل الأزهر من هذه المناهج؟! لا ندعي هذا، ونص كلام هذا التنظيم : "أبو جعفر الحطاب" أحد قادة التنظيم له رسالة صوتية مفرغة بعنوان "الكواشف الجلية على أن العذر بالجهل عقيدة الأشاعرة والجهمية"، وقد أصدروا بيانًا يحرضون فيه على استهداف شيخ الأزهر، ومن جملة معتقدهم: أنهم ـ الدولة الإسلامية تعتقد بكفر كل الأحزاب الشيوعية والعلمانية والليبرالية . ـ الدولة الاسلامية تكفر كل من يؤمن بالديمقراطية أو يروج لها . ـ الدولة الإسلامية تكفر كل الحكومات التي لا تحكم بالشريعة الاسلامية. ـ الدولة الإسلامية تقول بكفر عساكر الحكام الطواغيت، وشُرطهم، ومباحثهم ووزرائهم. هل رأيت بالله عليك أن الأزهر كفر هؤلاء ؟! جاء في بيان للعدناني متحدث التنظيم في الخامس من رمضان لسنة 1436هـ بعنوان "يا قومنا أجيبوا داعي الله" في الدقيقة الخامسة عشرة "تذكّرْ أيها المفتون قبل أن تقدم على قتالها أنه لا يوجد على وجه الأرض بقعة يُطبق فيها شرع الله والحكم فيها كله لله سوى أراضي الدولة الإسلامية، تذكّرْ أنك إن استطعت أن تأخذ منها شبراً أو قرية أو مدينة، سيُستبدلُ فيها حكم الله بحكم البشر، ثم اسأل نفسك، ما حكم من يستبدل أو يتسبّب باستبدال حكم الله بحكم البشر؟ نعم، إنك تكفر بذلك، فاحذرْ، فإنك بقتال الدولة الإسلامية تقعُ بالكفر من حيث تدري أو لا تدري". فهل هذا في مناهج الأزهر، أيها الطبيب؟؟؟!!!.

جاء في بيان للعدناني أيضًا بعنوان "السلمية دين من؟": "ثالثاً: لابد لنا أن نصدع بحقيقة مرة لطالما كتمها العلماء، واكتفى بالتلميح لها الفقهاء، ألا وهي: كفر الجيوش الحامية لأنظمة الطواغيت، وفي مقدمتها الجيش المصري، والجيش الليبي، والجيش التونسي، قبل الثورة وبعدها....... أولاً: ننصح أهل السنة عامة وفي مصر والعراق خاصة: بنبذ الدعوات السلمية، وحمل السلاح والجهاد في سبيل الله؛ لدفع الصائل من الجيش المصري والجيش الصفوي، فقد اتفق عقلاء البشر على دفع الصائل، فهل عقل الشيوعي الملحد أرجح من عقل شيخ الأزهر الخانع المسالم، حتى الدجاجة تدفع الصائل عن فراخها، فهل الدجاجة أشجع منكم يا دعاة السلمية في مصر والعراق. فيا أهلنا في مصر: إن الكفر اليوم قد كشر عن أنيابه وتخلى عن وجوهه السياسية والإعلامية الناعمة الخبيثة، وبان أمام الجميع بوجهه الحقيقي فظهر الفتك والبطش والافتراس والنهش، وتحرك الجيش والعسكر بمعداته وأفراده ضد المتظاهرين العزل الراكضين خلف أوهامهم السلمية؛ فقتل منهم في صباح واحد ألفًا أو يزيد ناهيك عن الجرحى والمعتقلين والمشردين، فماذا تنتظرون بعد هذا وماذا ترجون؟!. ثانيًا: ننصح أفراد الجيش المصري وباقي جيوش الطواغيت من حكام بلاد المسلمين بالتوبة والانشقاق عن ذلك الجيش والبراءة منه، وننصحهم بدراسة التوحيد ونواقض الإسلام وتعلم دين الولاء والبراء، فلا تنخدعوا بفتاوى علماء السلاطين -علماء الأزهر-، فإنهم لن يغنوا عنكم من الله شيئًا".

   ما رأيك في تكفير داعش لفضيلة الإمام الأكبر، وأيضًا وصمهم علماء الأزهر بأنهم علماء السلاطين؟!.

3ـ مسألة خطة تنقية المناهج، هل تعتقد بزعمك أن مكانها هذا الاحتفال بذكرى ميلاد سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان يمكنك بكل بساطة أن تبحث على محرك البحث (جوجل) وتكتب مناهج الأزهر؛ لتدخل على بوابة الأزهر، وترقب المناهج من قريب في زيها الجديد، لكن مسألة النقد من أجل النقد لا من أجل البناء، ألم يأتك أن مادة تُسمى بالثقافة الإسلامية باتت مقررة على المراحل الإعدادية والثانوية، وذلك لحماية الجيل من الأفكار المنحرفة، وضرورة تنمية ملكاتهم؛ للرد على المنحرفين، وتناولت المادة بين دفتيها: خطورة التكفير والتفجير، والحاكمية والجاهلية، وحقوق غير المسلمين، والغلو والتطرف، وغير هذه الأمور التي تتبناها الفرق التكفيرية.

ألم يأتك يا سيادة الطبيب أن فضيلة الإمام أنشأ مرصدًا لمحاربة الفكر التكفيري يعمل على مدار الساعة يعمل بسبع لغات يتتبع فتاوى وبيانات الفرق التكفيرية والرد عليها من قبل متخصصين ولجنة شرعية ترد بالعقل عليهم، وقد زاره رؤوساء دول عربية وأجنبية وأشادوا بدوره، لكن حضرتك تُكرر ما قاله غيرك!!!.

ألم يأتك مؤتمرات الأزهر التي تقام لمحاربة هذا الفكر بالحجة والبرهان؟!

يبدو أن حضرتك تعيش بمعزل عنا، فلا تسمع عنا لكن اسمع منا، ألم يأتك خبر أروقة الأزهر التي باتت منتشرة في جُل المحافظات، وتعمل على نشر الفكر الصحيح، ومحاربة الفكر المتطرف.

يبدو أنك لم تسمع ببيت العائلة المصرية الموجود بمشيخة الأزهر يجلس البابا بجوار فضيلة الإمام الأكبر، ويعمل على رأب الصدع؛ للقضاء على الفتن الطائفية، والعمل على نشر السماحة.

يبدو أنك لم تتابع أيضًا كتابات ومؤلفات مجمع البحوث الإسلامية، وفيه محاربة هذا الفكر التكفيري بالحجة والمنطق.

4ـ مسألة أن السلفيين وغيرهم صاروا حزبًا سياسيًا ويجب التحذير منهم، فليس دورنا أن نُحذرَ من الأحزاب في حين أن الدولة رخصت لهم حق الممارسة السياسة وفقًا لنصوص الدستور والقانون، ومرد ذلك ساحات القضاء، لكن بقي علينا أن نُحذر من خطر الغلو والتطرف وما شابه.

ختامًا: تسأل عن التجديد، ونحن نقول تعال؛ وانظر بنفسك، ولا تتقول علينا لمجرد السماع من غيرنا.

وأنا بمنطقك نفسه أسألك: حضرتك تعمل أستاذًا للسكر والغدد الصماء، وتعمل رئيسًا للجنة القومية لمكافحة مرض السكر، فما الجديد أو الاكتشاف الذي اكتشفته؛ لتطور هذا العلم، هل اكتشفت مصلًا فعالًا يقضي على مرض السكري قضاءً تامًا؟!

 أم تسير على خطى من سبقوك دون تجديد؟!

لو أعطيت أنا مريضًا وصفة طبية أو علاجية وأنا بحكم تخصصي (عقيدة وفلسفة) ستتهكم عليّ وتتهمني بالجهل، وبالتدخل فيما لا يعنيني، وبالمنطق ذاته أقول: الدين ليس مطية سيدي الفاضل، بل يحتاج لمتخصصين، فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا؟!.

إنَّ التجديد ليس القضاء على القديم، بل هو إعادة إحياء ما اندرس من القديم وفقًا للمعطيات المعاصرة، والشرع خاصة يستوعب المستجدات المعاصرة والمشكلات، وفيه الحلول الناجعة.

وكما أكرر: إن التراث لا يحتاج لطمس ولا  لنبذ حتى تفهمه العقول، بل يحتاج لعقول تفهم، وقلوب تعي.