عبدالله رشدي يكتب عن حذف الديانة من البطاقة: متى نفهمُ أن الدينَ لا يعوق التقدمَ

الخميس 15 نوفمبر 2018 | 06:41 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

لم نكد نستفق من مهاترات منع النقاب التي أضاعت من وقت المصريين الكثير، حتى فَجَئتْنا الأيام بما هو أَنكى....حذف خانة الديانة من البطاقة!.

إنني قبل الولوج في الكلام حول القضية وإدلائي بدلوي لأتساءل متعجبا: ما هذا!؟ أحقا هذا الذي يحدث؟ بين الفينة والأخرى تجد من يبذلون الجهد ويستفرغون الوسع لا لمحاربة الإرهاب والفساد والبطالة والترهل الإداري ونحوها، ولا لمحاولة تحسين صورة مجتمعاتنا وبث روح القيم الرشيدة في المجتمع، بل لمحاولة اجتثاث كل ما له بالدين عُلْقَةٌ شيئا فشيئا، وكأن كل مشاكلنا قد نزل بحلها الوحي من السماء الليلة وانتهت، فلم يبق لدينا سوى حذف خانة الديانة من البطاقة!

 

إنني أرى-وغيري الكثيرون- أن مثل هذه القوانين لا تصب في مصلحة المواطن، بل هي تدل على وجود اتجاهات غير رشيدة تعمل في هدوء وتنشط بين اللحظة والأخرى بغرض انتزاع الصبغة الدينية من حياة المواطن في المجتمع، متى كان انتماء الإنسان لدينه وإعلانه لذلك أمرا سيئا غير مقبول؟ أغدت أدياننا عارا ينبغي الخلاص منه؟

 

إن دين الإنسان ليس بأقل مكانة من نوعه فكما أننا لا نعتبر التفرقة بين الذكر والأنثى في البطاقة أمرا معيبا فكذلك الدين الذي هو أشرف من كل ذلك، وعلى الذين يبلبلون الناس تارة بعد أخرى أن يشغلوا أنفسهم بما يفيد المجتمع ويدعم الدولة في مسيرتها نحو البناء ومحاربة الإرهاب بدلا من تغريدهم خارج السرب وبحثهم عما يشعل الناس ويهيج الرأي العام، وعليهم أن يدركوا جيداً أن الدين ليس سبباً للشر وأن غيابه ليس سبباً للتقدم، وأن الدين ليس شيئاً معيباً في المكون الإنساني لنحاول سترَه و وَأْدَ ظُهورِه.

 

هذا رأينا في هذه الفقاعة التي تطفو على السطح الآن، ولن تدوم طويلا، فلدينا في مجلس النواب أمل يحيا به المنى في نوابنا الأجلاء ممثلي الأمة المصرية في سن قوانين رشيدة وعادلة لا تعكر الصفو ولا تكدر الوِرْدَ.

دعونا نبحر في سفينة الخيال وقد ألغيت خانة الديانة من البطاقة...فما الجديد؟

 

هل ستزول الكينونة الدينية من المواطن المصري؟ وهل على المصري حينها أن يلزم الخجل حين يتحدث عن دينه؟ وترى هل سيصير تعبير الإنسان عن دينه أمراً ينبغي كبحه؟ هل يُرَادُ لنا أن نكون لادينيين؟ أهو تمهيد لإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تقلق العلمانيين وأذنابهم؟

 

إن الإجابة على كل ماسبق بالطبع هي النفي القاطع، فنحن في دولة والحمد لله ليست إسلامية فحسب بل هي قلب الإسلام في العالم، والإسلام بطابعه مدني لا يعرف الحاكم المعصوم الذي لديه سلطة كهنوتية وإنما يعرف القانون الذي ينبغي ألا يكون مخالفا لشيء من قانون السماء، وتلك هي الدولة المدنية الحديثة التي ننشدها، تقوم على العمل المؤسسي مع الالتزام بالقانون والدستور، في ظل احترام مقررات الوحي الإلهي. كما قال الله تعالى: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"

ومادامت الإجابة هي النفي ومادام كل ذلك ليس هدفا ولا مطمعا فهذه الضجة الكبرى علام؟

ثم دعونا نكمل إبحارنا في عالم الخيال وقد ألغيت الديانة من البطاقة؟ فهل تتصورون كم المشاكل التي ستواجه المجتمع في قضايا الأحوال الشخصية؟ في قضايا الزواج والميراث مثلا؟

 

دعونا نلتفت لإرساء ما يفيدنا وجوده ومحاربة ما يضرنا بقاؤه، دعونا نرى عملا دؤوبا على السعي نحو تحقيق الرخاء والتقدم المنشودين بدلا من السعي في سفاسف الأمور، ولنتذكر دوما أن الله يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها.

فلنكن مع المعالي فمصر لا يليق بها إلا العلا... وستبقى ما حيينا أبدا شامخة نحو الذرى.