عبدالله رشدي يكتب إلى فاطمة ناعوت: قلمُكِ يَخُطُّ بغيرِ هُدىً!

السبت 03 نوفمبر 2018 | 06:11 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

لا يليق في النقاشِ الراقي شخصنةُ الناس والتعرضُ لتفاصيلِهم الخَلْقِيَّةِ ولا يفعل ذلك إلا الحمقى أو الموتورن.

 

وقد قلنا مرارًا وتكرارًا إن غير المسلمِ المسالمَ لنا في مجتمعاتنا معصوم الدم مُحَرَّمٌ إيذاؤه مَلْعونٌ قاتلُه، لكنَّكِ تَسْعَيْنَ وراءَ نيلِ الشهرةِ من التشهيرِ بالخلق وتلك فعال الصغار، ولن أُجارِيَكِ في قولِكِ، لكنك تعلمين جيداً أنَّ من خلق الكفر والإيمان هو الله ومن حكم بالكفر والإيمان هو الله، وأنَّ الكفر هو محض الإنكارِ ولا علاقةَ له بالقتل بحالٍ.

 

إلا أنَّكِ تُصِرِّينَ على إيجادِ عُلْقَةٍ بين الكفر والقتلِ بحيث يرتبطُ ذلك في قلوب الناسِ، والناس تُبْغِضُ الشرَّ، فإذا زَرَعْتِ في قلوبهم أن السبب للقتل هو الكفر، فقد زرعتِ في قلوبِهم بغضاً لهذا الوصفِ وقناعةً بأنه سبب العنفِ، فيكون المسلمُ وقتها تحت وطأةِ الشعورِ بالخزي والمسئولية الجزئية أو الكاملةِ عن الذي يحدثُ لأنَّ قرآنَه نطق بالكفر مراراً وتَكراراً، وهنا إما أن يُلْحِدَ وإما أن يبقى مُذَبْذَبَ الاعتقاد في دينِه تَمْلَؤه الهواجِسُ حولَ كونِ دينِه سبباً للخراب في العالم!

 

وهذا ما تَصْبِينَ إليه أنت وأقرانُك، أن تزرعوا في القلوبِ شيئاً ضدَّ إيمانِ الناس بقرآنهم!

 

قد فَطِنتُ-وغيري الكثيرُ- لذلك، فقمنا نُفَهِّمُ الناسَ أنَّ القرآنَ لا يستهدِفُ قتلَ كلِّ من لا يؤمنون به كما قال الله: "أفأنتَ تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"

 

وأنَّ التعايش في المجتمعاتِ ضرورةٌ وحتميةٌ قرآنية لقولِ الله: "وقولوا للناسِ حسناً" ولكنَّ التعايشَ لا يعني الاتفاق في العقائدِ فبدهي أنني أكفر-أجحد وأنكر- أي شيء يخالف ديني وقرآني.

 

وبَدَهِيٌّ كذلك أنَّ غيري يَكفر-يجحد وينكر- كلَّ ما يُخالفُ دينَه ومُعْتَقَدَه.

 

وليس مطلوباً مني ولا من غيري أن يعترف كلٌّ منا بشيءٍ يناقِضُ إيمانَه، لكن المطلوب منا جميعاً أن نعلم كما علمنا القرآن أنَّ عقيدتَكَ لا تحرمُكَ إنسانيتَك ما دمتَ مُسالماً.

 

تلك هي الحقيقةُ التي لا زيفَ فيها والتي يعلمها المثقفون وعلماء الدين بحق في كل دين، فالمسلم لن يُؤمن بصلب المسيح ولاهوته والنصراني لن يؤمن بمحمدٍ عليه الصلاة والسلام والقرآن، ومع ذلك فالكل في الوطن متسالمون تحت مظلة القانون والدستور وذلك لا يخالف الإسلام.

 

 

ليس مطلوباً منا أن نتنازل بالقَسْرِ والجبرِ عما نعتقد، وإنما المطلوب منا أن نتعايش بالرضا مع من يعتقدُ خِلافَ ما نعتقِد.

 

قد باتَ الخلقُ يفهمونَ اليومَ ما نقولُ ولم تَعُدِ الكلمات المسمومةُ والتي تستغل المواقفَ الإنسانية لِجَنْيِ شُهرٍةٍ إعلامية مُجْدِيَةً مع الناس.

 

والله يعلمُ ما طلبتُ من أحدٍ الردَّ عليك ببنتِ شَفَةٍ فما علمتُ بمقالِكِ أصلاً إلا منذ قليلٍ، ولكنَّ ردَّ الناسِ عليك علامةٌ صحيةٌ جيدة دالَّةٌ على أنهم صاروا يفهمون الفرق وباتوا يمتلكون الوعي الذي لن تُفْلِحي في تضليلِه ولن تنجحي في تزييفِه.

 

وقبل الختام فبغضنا للصهاينةِ ومن عاونهم وشايعَهم معلومٌ وأسألُ الله أن يزيلهم وأن يَجْتَثَّ دابِرَهم، ومن يتابعني سيعلمُ مدى مناصرتي للقضية الفلسطينيةِ ورفضي لنقل السفارات للقدس، وسيعلمُ أنني لا أرى فيهم غير كيانٍ غاصبٍ مُحْتَلٍّ.

 

ويبدو أنك محدودة المعلوماتِ فالنصرانية لا نسخَ فيها وهم يؤمنون بما في العهد القديم كما يؤمنون بالعهد الجديد، ونحن نحترم إيمانهم لكننا لا ندينُ به.

 

والعينُ بالعينِ إنما هي لمن يقتل ويعتدي لا لِمَنْ يُحرِّمُ الاعتداء على المواطنين المُسالمين، كيفَ وقد أعطى الله أجدادهم الذمة وهي الأمانة والأمان منذ نشأ الإسلام!؟

 

أفيجرؤ اليومَ عاقلٌ أن يسلُبَهم ما منحه الله لهم والتزم به المسلمون حتى جاءت الدول الحديثةُ وظهرتِ المواطنة كنتيجة لما تعلمناه في الإسلام من قبلُ من حرمةِ إيذاءِ أهل الذمة الذين هم مواطنوا اليوم؟

 

اقرئي عن دينِك أكثرَ وتَحَلَّيْ بالهدوء بدلاً من الانفعالِ الذي يجعل قلمَكِ يَخُطُّ بغيرِ هدىً.