شكر وتقدير !!

الاحد 20 مايو 2018 | 02:37 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

مع نهاية الموسم الكروى عالمياً تابع الملايبن عبر العالم أجمع عدد من المشاهد العاطفية المؤثرة المرتبطة بلحظات الختام و إسدال الستار على مشوار حافل لعدد من اللاعبين والمدربين الذين قرروا إنهاء رحلتهم الرياضية فى الملاعب و بداية رحلة اخرى و طريق آخر ، هذه المشاهد الرقيقة لا يمكن ان تمر هكذا مرور الكرام بعدما هزت قلوب محبيهم بشكل تجاوز حدود المستطيل الأخضر و حواجز مدرجاته ليخترق قلوب ملايين البشر سواء كانوا متابعين للحدث ذاته ام لا!! ذلك ببساطة شديدة راجع لكون تلك اللحظات هى تجسيد حى لمشاعر إنسانية حقيقية تلامس و تداعب روح كل مَن يحمل قلب بشرى وتلك النقطة هى إحدى الفروق الجوهرية بين الشرق والغرب بكل صراحة ، لأن هناك فى العالم المتحضر يحترمون الإنسان ايا كان موقعه ، يحترمونه فى البداية و يقدرونه فى النهاية وحتى خلال مشواره(لو كان شخصية عامة)فهناك قواعد منظمة للإنتقاد والتعليق على نتائج عمله دون إنتهاك فاضح للخصوصية او تدمير مقزز للإنسانية تاركين الحُكم لاحقاً للتاريخ من الناحية المعنوية أو حتى للمحاكم من الناحية القانونية ، بينما هنا فى عالمنا الشرقى فالشخصية العامة تنال بعض الإحترام فى البداية ثم يتعاظم ليصل للرياء والتمجيد والتقديس خلال مشوار الرحلة قبل أن تكتب الظروف المختلفة كلمة النهاية ، وحينها فقط تنهال على الشخص سهام الإهانة والإحتقار بشكل لا يقل ضراوة عن سيول المديح التى كان يُلقيها الجميع على مسامعه إيان القوة و العنفوان!! قد يعتقد البعض إن هذه النهاية القبيحة هى أقل ما يستحق كل من تسول له نفسه بالظلم و البعد عن العدل و الحق فى عمله .. لكن ما يستحق التأمل هنا هو تلك الأسئلة الوجودية على شاكلة .. هل كل مَن يرحل عن مقدمة المشهد كان بالضرورة فاسد او فاشل؟ هل لا نرى سقطات الشخص سوى بعد مغادرته لموقعه؟ هل تقييم الماضى بمعطيات الحاضر هو منتهى النزاهة؟ الحقيقة إنه بالطبع لا ، فالمؤكد إن صفحات التاريخ تمتلىء بالاف العظماء والمجيدين فى شتى المجالات بينما عدد المُكرمين رسميا ومعنويا لا يتجاوز المئات بل قد يكون مجرد العشرات!! الفارق الحقيقى ليس فى شيء أكثر من إحترام الغرب لهيبة النهاية و سطوتها ، هذه النهاية التى تجبر جميع الفرسان(الشرفاء)فى الساحة على التخلى عن أسلحتهم و دروعهم نظراً لإنتهاء زمن المعركة الفعلى ، وعليه فعند الوداع تجد ألد الاعداء يقدرون الفارس المغادر او على الأقل يلتزمون الصمت تقديرا لنهاية مشوار إنسانى قبل اى شيء آخر.

- أتمنى أن تُعمم ثقافة الإحترام والتقدير لكل مَن قدم شيء جيد او حتى حاول تقديمه فى مجاله ايا كان من دون تعليق المشانق و تحميل شخص ما كل مساوىء الحياة او المبالغة فى المثالية عند التقييم و التطرق لنقاط خيالية و نقاط اخرى منطقية كانت مختفية خلف لافتة ممنوع الإقتراب او التصوير!! ثقافة النهاية شبه مفقودة بكل اسف فى مجتمعاتنا بشكل عام و الأمر لا يتعلق فقط بالرموز السياسية الذين يعلمون قواعد اللعبة جيدا و إنهم عالقين بين خيارين لا ثالث لهما اما مُسيطرين مُكتسحين او مُغتالين مُقيدين!! لكن الأمر يمتد بكل اسف لكافة مجالات الحياة و لا يتم يوم فى حياتنا من دون رؤية مشاهد التنمرد و التنكر لتاريخ شخص ما سواء كان ذلك فى العمل او العلاقات الشخصية و طبعا فى التعامل الجماهيرى و العمل العام الذى اصبح بهذا الوضع مجال مُنفر و طارد لكل صالح يحترم نفسه جاذب جدا و مٌحبب لكل طالح بدون كرامة او كينونة!!