رسالة نائب.. قراءة فى تاريخ الجمعيات الأهلية

الخميس 11 أكتوبر 2018 | 09:33 مساءً
كتب : النائب / علاء عابد

بعد حديثى السابق عن الأهداف الخبيثة للتمويل الأجنبى ومحاولاته التى باءت بالفشل لإسقاط الدولة المصرية، أتحدث فى هذا المقال عن مجموعة من الحقائق حول ملف التمويل الأجنبى وهذه الحقائق أكدتها نصوص واضحة وحاسمة فى التحقيقات التى تمت فى ملف التمويل الأجنبى، وفى مقدمة هذه الحقائق أن الولايات المتحدة قامت بتقديم أموال ضخمة للمنظمات المصرية والأمريكية التى تعمل بمصر بعد قيام ثورة 25 يناير 2011، وبشكل يمثل عدة أضعاف ما كانت تدفعه تلك المنظمات قبل قيام الثورة فى الفترة من 2005 وحتى 2010، وأن هذه التحقيقات التى أسفرت عن إحالة 43 متهما لمحكمة جنايات القاهرة من بينهم 19 أمريكيا، ومتهمون يحملون جنسيات أجنبية أخرى أن هذه الأموال التى كانت تقدم للمنظمات المصرية والأمريكية التى تعمل على الأراضى المصرية تم اقتطاعها من المبالغ المخصصة لأعمال التنمية السابق الاتفاق عليها بين مصر وأمريكا، سواء فى مجالات الصحة والبنية التحتية على ضوء برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية، حيث كان يجرى تمويل جانب كبير من أموال البرنامج لمصالح تلك المنظمات، على الرغم من كونها تضطلع بأعمال سياسية بحتة، ومن المؤكد أن هذه الحقيقة الواضحة تؤكد للجميع أن هناك أهدافا خبيثة كانت وراء ملف التمويل الأجنبى وفى مقدمة هذه الأهداف التدخل فى الشئون الداخلية لمصر، ليس بهدف إسقاط النظام المصرى فقط ولكن إسقاط الدولة المصرية بجميع مؤسساتها خاصة أن الخونة شياطين التمويل الأجنبى يعلمون تماما أن إسقاط مصر هو البداية الحقيقية لإسقاط دول المنطقة العربية بأسرها، وأما الحقيقة الثانية فقد رصدتها من خلال قراءة متأنية لشهادة السيدة الفاضلة الدكتورة فايزة أبو النجا من خلال شهادة أدلت بها خلال هذه التحقيقات، مفادها أن أمريكا كانت تحقق هدفين غاية فى الأهمية بالنسبة لها، فهى من ناحية تثير بعض القلاقل فى النظام السابق بما يرسخ الخضوع لها، ومن ناحية أخرى يمكنها التمويل المباشر لبرامج حقوق الإنسان والديمقراطية من استغلال ذلك داخل أمريكا؛ لتحسين صورة الإدارة الأمريكية فى علاقاتها مع الكونجرس واللوبى اليهودى والرأى العام الأمريكى الذى يفتخر دائما بأنه راعى لمفاهيم حقوق الإنسان والحريات الأساسية فى العالم، إضافة إلى أن أمريكا أو إسرائيل يتعذر عليهما القيام بخلق حالة الفوضى والعمل على استمرارها فى مصر بشكل مباشر، ومن ثم استخدمت التمويل المباشر للمنظمات، خاصة الأمريكى منها كوسائل لتنفيذ تلك الأهداف، إضافة إلى أن إصرار الجانب الأمريكى على تقديم التمويل المباشر للمنظمات غير المشروعة على النحو المذكور تمثل فى استمرار التمويل السياسى المباشر دون تفرقة بين منظمات المجتمع المدنى المصرية القانونية وغير القانونية، وكذلك للمنظمات الأمريكية سواء تلك التى تم الترخيص لها لمزاولة النشاط فى مصر والمنظمات الأمريكية التى لم يتم الترخيص لها من جانب الخارجية المصرية، وذلك على الرغم من الرفض المصرى المتكرر شفاهة وكتابة وعلى مختلف المستويات.

 

وأما الحقيقة الثالثة فهى أن الرئيس الأمريكى السابق آنذاك باراك أوباما وكبار المسئولين الأمريكان كانت لهم تصريحات فيها إصرارا، وبشكل غير مسبوق عن الاستمرار فى تمويل منظمات المجتمع المدنى المسجلة وغير المسجلة، حيث جاء على لسان الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن الولايات المتحدة سوف تستمر فى دعم منظمات المجتمع المدنى فى مصر، سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة، وهو ما تكرر أيضا على لسان العديد من المسئولين الأمريكيين بما فى ذلك سفراءهم فى القاهرة ومسئولى مكتب المعونة الأمريكية، وذلك الإصرار تمثل فى المضى قدما فى تنفيذ أنشطة متعددة للمنظمات الأمريكية غير المرخص لها لمزاولة نشاطها فى مصر، حيث قامت كل من منظمات المعهد الجمهورى الدولى، والمعهد الديمقراطى الوطنى، ومنظمة فريدوم هاوس (بيت الحرية)، والمركز الدولى الأمريكى للصحفيين بفتح العديد من المكاتب والفروع لها فى عدد من محافظات مصر دون الحصول على موافقة الحكومة المصرية على ذلك، وبكل صراحة ووضوح فإنه تبلور عن الحقائق الأولى والثانية والثالثة، الحقيقة الرابعة وهى بكل وضوح تتمثل فى التدخل السافر فى الشئون المصرية ومزاولة مثل هذه الأنشطة يمثل تحديا سافرا للسيادة المصرية ويخدم أهدافا غير معلنة تمثل ضررا بالغا بمصر وأمنها القومى، وفى سبيل تحقيق مآرب التدخل الأجنبى فى الشئون الداخلية لمصر من خلال التمويل الأجنبى فإن قيمة مبالغ التمويل الأمريكى المباشر لمنظمات المجتمع المدنى المصرية والأمريكية بلغت 571 مليون دولار أمريكى خلال الفترة من عام 2005 وحتى عام 2011 منها حوالى 501 ملايين دولار تم تقديمها من الجانب الأمريكى خلال فترة 7 أشهر فقط وهى الفترة من فبراير وحتى سبتمبر 2011.

 

وللحق والتاريخ فقد رصدت من هذه القراءة المتأنية لملف التمويل الأجنبى أن هذه المنظمات حرصت على استقطاب شرائح بعينها غالبا ما تكون من طلبة الجامعات والعمال والصحفيين، وكذلك تركيزها على موضوعات ذات حساسية خاصة كوضع العمالة أو وضع الأقباط فى مصر، وغيرها من الموضوعات ذات طبيعة وطنية خالصة، إلى جانب تنظيم مؤتمرات حول موضوعات بعينها وجمع المعلومات والإغراء بمهمات إلى السفر للخارج مدفوعة التكاليف تحت عناوين التدريب والاطلاع، وخلاصة القول إننى توصلت إلى الحقيقة السادسة وهى أن ملف التمويل الأجنبى لاختراق الدولة المصرية وإسقاطها، تدخلت فيها بعد هذا التدخل الأمريكى السافر بعض الأجهزة المخابراتية والدول المعادية لمصر، ولكن كانت بمبالغ كبيرة تصل إلى مليارات من الدولارات، ويكفى ما رأيناه من عمليات رصد لمليارات الدولارات التى تم دفعها لتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية وجميع التنظيمات والجماعات الإرهابية والتكفيرية التى خرجت من رحم هذه الجماعة المارقة؛ للقيام بعمليات إرهابية بشعة لم يشهدها المجتمع المصرى من قبل، وقبل النهاية أجد لزاما على أن أناشد الزعيم البطل الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يصدر تكليفاته للأجهزة المختصة لإعادة التحقيقات فى ملف التمويل الأجنبى لكشف جميع الخونة أمام الرأى العام المصرى والعالمى الذين لم يكن لهم سوى هدف واحد وهو إسقاط الدولة المصرية، ولكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل بفضل الرجال المصريين الوطنيين الأوفياء الذين لا هدف لهم سوى الحفاظ على أمن وسلامة مصر وشعبها ووحدة وسلامة أراضيها.