متى تتوقف دماء الأسفلت؟.. "بلدنا اليوم" تحاور مساعد وزير الداخلية الأسبق حول مأساة المنوفية

ما زالت دماء الأبرياء تُراق على طرقاتنا يومًا بعد يوم، 18 عروسة صغيرة كانت آخر ضحايا الأسفلت على الطريق الإقليمي بالمنوفية، مشهد النعوش المتراصة في الساحة الشعبية لقرية كفر السنبسة التابعة لمركز منوف كانت مهيبة وهي تستقبل جثامين الصغيرات اللاتي لم يرين من الحياة سوى قسوتها ومرارتها، حيث كانوا يعملن بشكل يومي لأكثر من 12 ساعة من أجل مساعدة أسرهم على مصاعب الحياة وتجهيز أنفسهن للزواج.

متى تتوقف دماء الأسفلت؟
الصدمة كانت كبيرة، داخل القرية الصغيرة صرخات الأمهات التي لم تتوقف طوال الجنازة وبكاء الآباء وانهيار الأشقاء وعويل الجميع، لم تكن هذه المشاهد الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة على الشارع المصري، فارغم إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفاض عدد المتوفين في حوادث الطرق بمصر عام 2024، إلا أن الحوادث لا تزال تحصد أرواح الأبرياء.

انخفاض عدد المتوفين في حوادث الطرق بمصر عام 2024
ووفقًا للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات عام 2024، والتي صدرت في أوائل مايو 2025، فقد سجل عدد إصابات حوادث الطرق 76.362 إصابة عام 2024، مقابل 71.016 إصابة عام 2023 بنسبة ارتفاع 7.5%، وكان أعلى عدد إصابات على مستوى المحافظات في محافظة الدقهلية حيث بلغ 15.563 إصابة، وأقل عدد إصابات في محافظة السويس حيث بلغ 39 إصابة فقط خلال نفس العام.
كوارث بسبب أخطاء فردية
معظم تلك الحوادث، بحسب التحريات والتحقيقات الأمنية، تقع نتيجة أخطاء فردية تمامًا كحادث اليوم الذي حصد أرواح 18 فتاة وطفل صغير، حيث كشفت التحريات أن الحادث وقع نتيجة نوم سائق شاحنة ثقيلة أثناء القيادة مما أدى إلى اصطدامه بميكروباص أسفر عن وفاة جميع ركابه.
"بلدنا اليوم" تحاور مساعد وزير الداخلية الأسبق حول مأساة المنوفية
في هذا السياق تحدث اللواء أحمد هشام، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير المروري، لـ "بلدنا اليوم"، موضحًا أن "الحوادث المرورية سواء على الطرق السريعة أو داخل المدن السبب الأول فيها دائما هو الأخطاء البشرية من سائقي العربيات والتي ينتج عنها تدهور الحالة الفنية للسيارة أو التهور في القيادة أو النوم أثناء السير، كما حدث حادث اليوم على الطريق الإقليمي بالمنوفية.
اقرأ أيضا: حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان
اقرأ أيضًا: «قنابل موقوتة بالجمهورية».. خبير يوجه تحذيرات شديدة اللهجة من خطر داهم بالشوارع
اقرأ أيضًا: كارثة العقارات المنهارة تواصل تهديد حياة الشعب
وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن أغلب سائقي النقل الثقيل يقودون لفترات تتجاوز الساعات القانونية المحددة والتي تنص على ألا تزيد فترة القيادة المتواصلة عن 4 ساعات أو 8 ساعات متقطعة خلال اليوم، مؤكدًا أن مايحدث حاليًا هو قيادة السائق لمدة تمتد أحيانًا إلى 16 ساعة يوميًا وهو ما يؤدي إلى الإجهاد والنوم أثناء القيادة.
فحوصات وتعزيز دور نقاط التفتيش الأمنية
وأوضح الخبير المروري، أن بعض السائقين يلجأ لتعاطي مواد مخدرة أو منشطة ليتمكن من الاستمرار في القيادة لوقت أطول وهذا يمثل خطرًا كبيرًا على حياته وحياة الآخرين.
وطالب من الحكومة لحل هذه الأزمة بعمل فرض فحوصات إلزامية بشكل دوري على سائقي الشاحنات وخصوصًا الثقيلة، للكشف عن تعاطي المخدرات أو المنشطات وان تكون بشكل عشوائي ويومي على جميع الطرق.
وأكد اللواء هشام على ضرورة تعزيز دور نقاط التفتيش الأمنية، وتشديد الرقابة على الطرق السريعة داخل المحافظات، كما طالب بتحديث وسائل الكشف الفني للمركبات، لا سيما الفرامل والأنظمة الهوائية، التي كثيرًا ما تكون سببًا في وقوع الكوارث.
كما طالب من الجهات المعنية أن تتحرك بجدية، وأن يتم تطبيق القانون بحزم وتوعية السائقين بأهمية التزامهم بالمعايير، مشيراً إلى أنه على البرلمان تقديم مقتراحات لعقوبات مغلظة على المتسببين بالحوادث لان كل حادث جديد هو مأساة لأسر كاملة، ولن تتوقف الحوادث إلا إذا اتخذنا خطوات حقيقية على الأرض.