خاص| حصاد الأرز يكشف قوة الزراعة المصرية.. اكتفاء ذاتي وفائض للتصدير
بينما يشهد العالم تقلبات حادة في أسعار الحبوب والأغذية الأساسية، يبرز موسم حصاد الأرز في مصر هذا العام كقصة نجاح وطنية حقيقية، تجمع بين التخطيط الحكومي وجهود المزارعين المثابرة، فالأرقام المعلنة عن الإنتاج ليست مجرد بيانات جافة، بل هي انعكاس لمرحلة جديدة من الاعتماد على الذات، حيث تجاوز الإنتاج المحلي حاجز الاستهلاك السنوي ليغطي احتياجات أكثر من مائة مليون مواطن ويحقق فائضا قابلًا للتخزين أو التصدير.
هذا الإنجاز لم يأت، الصدفة بل هو ثمرة سياسات واضحة في دعم الزراعة، وتوفير تقنيات وأصناف مستحدثة قادرة على التأقلم مع مختلف الظروف المناخية، مما عزز قدرة الفلاح المصري على زيادة إنتاجية الفدان الواحد بشكل ملحوظ، كما أن وجود كميات متبقية من الموسم الماضي لم تستهلك بعد يعد عامل إضافي لطمأنة الأسواق ودعم استقرار الأسعار.
وفي ظل هذه المعطيات، تتجه الأنظار إلى تصريحات أصحاب الخبرات الزراعية التي تكشف عن ملامح المرحلة المقبلة، وما إذا كان الفائض الكبير سيستخدم كاحتياطي استراتيجي أو ينطلق إلى أسواق التصدير لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة الأرز المصري عالميًا.
حسين أبو صدام: وفرة إنتاج الأرز تعزز الاكتفاء الذاتي وتفتح الطريق لاستقرار الأسعار وانخفاضها
يقول الحاج حسين أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، أن موسم حصاد الأرز الحالي يعكس نجاح المزارعين المصريين في تحقيق مستوى غير مسبوق من الإنتاج، الأمر الذي مكن البلاد من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من هذه السلعة الاستراتيجية.
وأوضح أن حجم الاستهلاك المحلي يبلغ في المتوسط نحو 3.4 مليون طن سنويًا، بينما يصل الإنتاج الفعلي هذا العام إلى ما يقارب 4 ملايين طن، يتم الحصول عليها من مساحة تُقدَّر بنحو مليون ونصف فدان مزروعة بالأرز على مستوى الجمهورية.
وبين أبو صدام أن هذه الوفرة الإنتاجية لم تأتي من فراغ، وإنما هي ثمرة جهود الدولة في توفير الدعم الفني والإرشادي للمزارعين، إلى جانب السياسات التي ساعدت في تحسين إنتاجية الفدان، بما يلبي احتياجات السوق المحلية ويحقق فائضًا قابلًا للتخزين أو التصدير.
وأشار نقيب الفلاحين إلى أن هذه الكميات الكبيرة من الأرز ستنعكس بصورة مباشرة على السوق المحلية من خلال استقرار الأسعار، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضًا تدريجيًا مع استمرار المبادرات الحكومية التي تهدف إلى ضبط حركة التداول وتشجيع المنافسة العادلة بين التجار وخفض الأسعارلمساندةالمواطن.
وأكد أبو صدام في ختام تصريحه أن استمرار هذا التوجه يتطلب من المزارعين الالتزام بالتعليمات الزراعية الحديثة التي ترفع كفاءة الإنتاج وتقلل الهدر في الموارد المائية، مشيدًا بالدور المتنامي للقطاع الزراعي في دعم الأمن الغذائي الوطني وتحقيق توازن اقتصادي يعود بالنفع على المجتمع بأسره.
جمال أبوالفتوح: أصناف الأرز المستحدثة تحقق الاكتفاء الذاتي وتمهد لتصدير الفائض
ويقول الدكتور جمال أبو الفتوح، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، أن موسم حصاد الأرز الجاري يعكس نجاح جهود الدولة والمزارعين في تطوير زراعة هذه المحصول الاستراتيجي، من خلال إدخال أصناف مستحدثة عالية الجودة قادرة على التأقلم مع مختلف الظروف المناخية.
وأوضح أبو الفتوح أن هذه الطفرات في الإنتاج أسهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز محليًا، مشيرًا إلى وجود كميات كبيرة متبقية من إنتاج الموسم الماضي لم تستهلك بعد، ما يعزز قدرة السوق على تلبية احتياجات المواطنين دون ضغوط.
وأضاف أن هذه الوفرة الإنتاجية تفتح المجال أمام تصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية خلال الفترة المقبلة، بما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز موارد الدولة من العملة الصعبة، إلى جانب الحفاظ على استقرار الأسعار محليًا وتوفير احتياطي آمن للأرز داخل البلاد.
وختم وكيل لجنة الزراعة بالقول إن استمرار هذه النتائج الإيجابية يتطلب المضي قدمًا في دعم البحث العلمي الزراعي وتوسيع برامج الإرشاد للمزارعين، بما يضمن استدامة الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل.