خلال أسبوع.. حرائق تضرب مناطق متعددة في الجمهورية وتثير غضب الأهالي

شهد الأسبوع الماضي (من 6 إلى 12 يوليو 2025) موجة غير مسبوقة من الحرائق التي اجتاحت منشآت حيوية، مناطق صناعية، ومواقع تجارية وسكنية في مصر، مما أثار حالة من القلق والغضب الشعبي وأعاد فتح ملف إجراءات السلامة وإدارة الأزمات.
شملت أبرز هذه الحوادث حريق سنترال رمسيس، مصنع إسفنج في دمياط، فندق سوفيتيل وسط البلد، محطة كهرباء العاشر من رمضان، حفل موسيقي بالساحل الشمالي، ومول سيراميكا كليوباترا بأكتوبر، فيما يلي تقرير مفصل يستعرض تفاصيل هذه الحرائق، وأسبابها المحتملة، وتداعياتها، وردود الفعل الشعبية والرسمية.
حريق سنترال رمسيس
في صباح يوم الإثنين 7 يوليو 2025، اندلع حريق هائل في مبنى سنترال رمسيس، أحد أهم مراكز الاتصالات في مصر، والذي يضم أجهزة وكابلات بقيمة مليارات الجنيهات.
بدأت النيران في الطوابق العلوية للمبنى المكون من 11 طابقًا والملحق المخصص للاتصالات الدولية (6 طوابق)، ما تسبب في شلل كبير لخدمات الإنترنت، الاتصالات، والخدمات البنكية، ولأول مرة منذ 2011، توقف التداول في البورصة المصرية، كما تأثرت أنظمة تشغيل مطار القاهرة لمدة 7 ساعات.
وأسفر الحريق عن مصرع 4 موظفين من الشركة المصرية للاتصالات وإصابة 27 آخرين بحالات اختناق، واستغرقت فرق الحماية المدنية حوالي 18 ساعة للسيطرة على الحريق، مستخدمة 10 سيارات إطفاء وسلالم هيدروليكية وسط ظروف صعبة بسبب كثافة الدخان.
التحقيقات الأولية تشير إلى احتمال حدوث ماس كهربائي أو خلل في أنظمة التبريد، مع تساؤلات حول غياب أنظمة الإطفاء الذاتي، وأثارت الكارثة موجة غضب شعبي، حيث طالب المواطنون بمحاسبة المسؤولين عن إهمال إجراءات السلامة، وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها لتحديد الأسباب الدقيقة.

حريق مصنع إسفنج في دمياط
وفي الثلاثاء 8 يوليو 2025، وبعد أقل من 24 ساعة من كارثة سنترال رمسيس، اندلع حريق هائل في مصنع لصناعة الإسفنج والفوم بالمنطقة الصناعية بدمياط الجديدة.
تصاعدت ألسنة اللهب والدخان الكثيف، مما أثار الذعر بين العاملين وسكان المنطقة المجاورة، لم يسفر الحادث عن تسجيل اي إصابات بشرية، لكن الحريق تسبب في خسائر مادية جسيمة، تهدد سلاسل توريد صناعة الأثاث.
دفع الحماية المدنية بـ20 سيارة إطفاء للسيطرة على النيران ومنع امتدادها إلى مصانع مجاورة، مع رفع حالة الطوارئ في المستشفيات القريبة، وتشير التحقيقات الأولية إلى أن ماس كهربائي او خلل فني قد يكون وراء الحريق.
واثار الحادث انتقادات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصف نشطاء إجراءات السلامة في المناطق الصناعية بـ"المتهاونة"، مطالبين بتشديد الرقابة.

حريق فندق سوفيتيل وسط البلد
وفي يومي 10 يوليو 2025، شبت النيران في فندق سوفيتيل الجزيرة، أحد أبرز الفنادق في وسط القاهرة، مما أثار حالة من الذعر بين النزلاء والعاملين.
أوضحت وزارة السياحة والآثار أن الحريق كان محدود وناتج عن إلقاء سيجارة مشتعلة على نجيلة صناعية في منطقة الميزانين، مما أدى إلى اشتعال النيران بسرعة، وتمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على الحريق دون تسجيل إصابات.
على الرغم من محدودية الحادث، إلا أنه عزز من حالة الاستياء الشعبي، حيث وصف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الحريق بأنه جزء من "موسم الحرائق" الذي يكشف إهمالًا في تطبيق معايير السلامة في المنشآت السياحية الحيوية.

حريق محطة كهرباء العاشر من رمضان
خلال الأسبوع ذاته، اندلع حريق في محطة محولات كهرباء جهد 66، المعروفة بـ"تيست 1"، بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، التابعة للشركة المصرية لنقل الكهرباء.
تسبب الحريق في فصل التيار الكهربائي بالكامل عن المحطة، مما أثر على مناطق سكنية وصناعية بالمدينة، وأكد تقرير المعمل الجنائي أن ماس كهربائ ناتج عن زيادة الأحمال وارتفاع درجات الحرارة كان السبب، مستبعدا أي شبهة جنائية.
كشف الحادث عن هشاشة البنية التحتية الكهربائية، مع مطالبات بإجراء صيانة دورية وتحديث أنظمة الحماية في المحطات الحيوية.

حريق حفل موسيقي بالساحل الشمالي
وفي مساء أمس السبت، اندلع حريق أثناء حفل موسيقي "تكنو" بالساحل الشمالي، وسط حضور جماهيري كبير، وتصاعدت أعمدة الدخان الكثيف، وانتشرت مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي توثق لحظات الفوضى والذعر، حيث هرع الحضور لمغادرة الموقع.
أظهرت الفيديوهات ألسنة لهب تشتعل في إحدى زوايا الموقع، وسط صرخات الحاضرين، لم يتم معرفة الأسباب الدقيقة للحريق حتى الآن أو حجم الخسائر، لكن الحادث أثار تساؤلات حول سلامة تنظيم الفعاليات العامة.

حريق مول سيراميكا كليوباترا
وشبت النيران بمدينة 6 أكتوبر في مول سيراميكا كليوباترا، أحد المراكز التجارية البارزة، مما أدى إلى تصاعد أعمدة دخان كثيفة غطت سماء المنطقة.
وتمكنت فرق الحماية المدنية من السيطرة على الحريق بعد ساعات من المكافحة، مستخدمة السلالم الهيدروليكية وخراطيم المياه، وتم فرض كردون أمني حول المول لضمان سلامة المارة.

حريق يلتهم محل تجاري وسيارة بفيصل
اجتاح حريق هائل، صباح اليوم الأحد، محلًا تجاريًا في شارع فيصل الرئيسي بمحافظة الجيزة، قبل أن تمتد ألسنة اللهب إلى سيارة متوقفة أمام المحل، مما فاقم الوضع وأثار حالة من الذعر بين المارة.
هرع الأهالي لإبعاد السيارات المجاورة وسط صرخات الذعر، في انتظار وصول سيارات الإطفاء التي سارعت إلى الموقع، خيّم الدخان الكثيف على المنطقة، مما تسبب في إغلاق جزئي للطريق الرئيسي، بينما تجمع المواطنون في الشوارع الجانبية يتابعون المشهد بقلق.

موسم الحرائق يثير الجدل
تسببت هذه الحرائق في خسائر مادية وبشرية كبيرة، حيث أودى حريق سنترال رمسيس بحياة 4 أشخاص وإصابة 27 آخرين، بينما تسببت الحرائق الأخرى في خسائر اقتصادية تهدد قطاعات الصناعة والسياحة، وفقا لتقارير رسمية، سجلت مصر في 2024 حوالي 47 ألف حادثة حريق، بزيادة 3.2% عن العام السابق، مما يعكس تصاعد التحديات في مواجهة هذه الظاهرة.
أثارت الحرائق موجة غضب شعبي، حيث تفاعل المواطنون تحت وسمي "موسم الحرائق" و"حرائق مصر"، متهمين السلطات بالإهمال وغياب الرقابة، ودعا البرلماني عبد المنعم إمام إلى مراجعة شاملة لأنظمة السلامة، وتفعيل أنظمة الإطفاء الذاتي، وإصدار كتب دورية لتعزيز الحماية المدنية.

وتشير التحقيقات الأولية إلى أن أسباب الحرائق تعود إلى الماس الكهربائي، وضعف الصيانة، وارتفاع درجات الحرارة، مع تأثير واضح لتغير المناخ في زيادة مخاطر مثل هذه الحوادث.